قانون
أخر الأخبار

الأدلة والقرائن في الاثبات

الألة والقرائن

الأدلة والقرائن في الاثبات

التمييز بين الأدلة والقرائن في الإثبات الجنائي

يُعد الإثبات الجنائي جوهر العملية القضائية، إذ يقوم عليه مصير الدعوى برمتها، سواء بإدانة المتهم أو تبرئته. وتتنوع وسائل الإثبات في القانون الجنائي بين أدلة مباشرة وقرائن غير مباشرة، وتُمارس المحاكم سلطتها التقديرية في المفاضلة بينها وفقًا لمعيار العقل والمنطق القانوني. في هذا المقال، نسلط الضوء على الفرق بين الدليل والقرينة، ونُحلل أنواعهما وقيمتهما في الإثبات، مع التركيز على الاجتهادات القضائية والمفاهيم المعتمدة في الفقه الجنائي.
أولًا: مفهوم الدليل في الإثبات الجنائي
الدليل هو الوسيلة المباشرة التي تُثبت الواقعة الجنائية محل الاتهام، ويستمد وجوده من الأدلة المادية أو الشهادات أو المستندات أو الإقرارات، بعد طرحها في جلسات المحاكمة ومناقشتها علنًا.
ومن أمثلة الأدلة المباشرة:
الإقرار أو الاعتراف: ويُعتبر من أقوى الأدلة الجنائية، ولقّب في الفقه بـ “سيد الأدلة”، إذا جاء صحيحًا، حرًّا، صريحًا، وغير ناتج عن إكراه.
أقوال الشهود: تُعد أداة مباشرة لإثبات الوقائع إذا كانت متماسكة ومطابقة للقرائن المحيطة.
الأدلة الكتابية: مثل المستندات، العقود، الإيصالات، والتقارير الرسمية.
الأدلة الفنية: كالتقارير الطبية وتقارير البصمات وتحاليل الطب الشرعي.
ويمتاز الدليل بأنه لا يحتاج إلى استنتاج من وقائع أخرى، بل يكشف عن الواقعة بشكل واضح ومباشر
ثانيًا: مفهوم القرينة في الإثبات الجنائي
القرينة هي استنتاج أمر مجهول من أمر معلوم بناءً على منطق العقل أو التجربة الإنسانية. فهي لا تثبت الواقعة بشكل مباشر، بل تُشير إليها وتدل عليها دلالة غير قطعية.
تعريف القرينة:
هي كل واقعة ثابتة يمكن أن يُستدل منها، بطريق الاستنباط العقلي، على واقعة أخرى مجهولة ذات صلة بالدعوى.
أنواع القرائن:
1. القرائن القانونية:
قاطعة: لا تقبل إثبات العكس (مثل قرينة عدم التمييز للصغير دون السابعة).
غير قاطعة (قابلة لإثبات العكس): يُمكن نقضها بأدلة مضادة (كقرينة ملكية المنقول بالحيازة).
2. القرائن القضائية:
وهي التي يستنتجها القاضي من الوقائع المطروحة عليه، ولم ينص عليها القانون.
سلطة القاضي فيها مطلقة، شريطة أن يكون استنتاجه منطقيًا وسائغًا، ولا يخالف العقل أو الواقع او المنطق .
تالثا” : الاثبات امام القضاء
ولا بد من الاشارة الى ان  القضاء الجنائي اقر  أن الحكم بالإدانة يمكن أن يُبنى على قرائن  قوية ومترابطة تؤدي إلى نتيجة واحدة، وتغلق باب الاحتمالات الأخرى. فقد استقرت محكمة النقض المصرية مثلًا على أن:
 “القرائن القضائية وسيلة من وسائل الإثبات في المواد الجنائية، وللمحكمة أن تستنتج من واقعة معلومة واقعة أخرى مجهولة، ما دام هذا الاستنتاج سائغًا ولا يخالف العقل أو المنطق.”
وهذا يعني أن القرينة وإن كانت غير مباشرة، إلا أنها قد تُشكل أساسًا كافيًا للحكم، خاصة إذا تعددت وتكاملت لتدل على الجريمة بما لا يدع مجالًا للشك المعقول.
رابعا”: سلطة القاضي في المفاضلة بين الأدلة والقرائن
يتمتع قاضي الموضوع بسلطة واسعة في تقدير قيمة كل من الدليل والقرينة. فلا رقابة لمحكمة النقض على هذا التقدير إلا إذا شابه قصور في التسبيب أو فساد في الاستدلال. ووفقًا لذلك:
للقاضي أن يزن الأدلة ويُفاضل بينها. كما يمكنه أن يستند إلى القرائن وحدها متى كانت كافية للوصول الى الحقيقة والاقتناع الكامل
 تجدر الاشارة الى ان القاضي ليس ملزمًا باتباع ترتيب معين في عرض الأدلة أو في الأخذ بها.
 عليه وبناء لما تقدم يتبين لنا ان  الدليل والقرينة  هما دعامة من دعائم الإثبات الجنائي، إلا أن طبيعة كلٍ منهما تختلف من حيث القوة والمنهج. فالدليل يُثبت الواقعة مباشرة، بينما تدل القرينة عليها بطريقة غير مباشرة مبنية على الاستنتاج. ويظل للقضاء الدور الأهم في التقدير والتقييم، بما يحقق العدالة ويحمي حقوق المتهم والمجتمع معًا تحت ظل القانون .
المستشار القانوني الدكتور ناجي سابق# الادلة # القرائن # المحكم ناجي سابق #

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى