معرض مسقط الدولي للكتاب 2025: نافذة ثقافية مشرعة على العالم
حدث أدبي وثقافي يرسّخ مكانة سلطنة عمان في خارطة المعرفة العالمية

مقدمة
يشكّل معرض مسقط الدولي للكتاب 2025 علامة فارقة في المشهد الثقافي العماني والعربي، كونه أحد أبرز الفعاليات السنوية التي تجمع بين عبق الكلمة، وثراء الفكر، وتنوع الثقافة. هذا الحدث الذي طالما انتظره القرّاء والكتّاب ودور النشر بشغف، عاد في نسخته الجديدة لهذا العام بزخم أكبر، ومشاركة أوسع، ومضمون أكثر عمقًا وحداثة، ليؤكد أن سلطنة عمان ماضية بثبات نحو ترسيخ مكانتها كمركز ثقافي فاعل في المنطقة.
تاريخ المعرض وتطوره
انطلق معرض مسقط الدولي للكتاب لأول مرة عام 1992، ومنذ ذلك الحين وهو يسير بخطى متصاعدة من حيث التنظيم والمحتوى والمشاركة. وقد أثبت المعرض على مدار السنوات أنه ليس مجرد فعالية لبيع الكتب، بل هو فضاء مفتوح للحوار وتبادل المعرفة، ومنصة رصينة لتلاقي الحضارات والثقافات. وفي دورة 2025، يحتفي المعرض بمرور أكثر من ثلاثين عامًا على انطلاقه، مقدماً نسخة استثنائية تعكس نضجه وتطوره المؤسسي والفكري.
المكان والتنظيم
يقام المعرض في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض، وهو أحد أكبر وأحدث المراكز في المنطقة، ويتميز بمرافقه المتطورة ومساحاته الواسعة التي تتيح عرض آلاف العناوين ضمن أجواء مريحة واحترافية. ويشرف على تنظيم المعرض وزارة الإعلام العمانية بالتعاون مع عدد من المؤسسات الرسمية والثقافية، حيث يتميز التنظيم هذا العام بدقة عالية، واستخدام متقدم للتقنيات الحديثة لتسهيل تجربة الزوار والعارضين على حد سواء.
المشاركات المحلية والدولية
يستقطب معرض مسقط 2025 أكثر من 800 دار نشر من أكثر من 35 دولة، إضافة إلى مشاركة قوية من دور النشر العمانية والخليجية. وقد حرصت هذه الدور على تقديم أحدث إصداراتها في شتى مجالات المعرفة، من الأدب والتاريخ والفكر، إلى التكنولوجيا وعلوم المستقبل. كما أن المعرض هذا العام يشهد مشاركة واسعة من الجهات التعليمية، ومراكز البحوث، والهيئات الثقافية الدولية، مما يعزز البعد العالمي للفعالية.
الفعاليات الثقافية المصاحبة
لا يقتصر المعرض على عرض الكتب فحسب، بل يزخر ببرنامج ثقافي ثري يشمل:
- ندوات فكرية وأدبية يشارك فيها نخبة من المفكرين والكتّاب.
- ورش عمل للأطفال والناشئة تهدف إلى غرس حب القراءة والإبداع.
- جلسات توقيع كتب لعدد من المؤلفين المعروفين.
- أمسيات شعرية تبرز جماليات اللغة العربية.
- عروض فنية وتراثية تبرز الهوية العمانية وتنوّعها.
وتعد هذه الفعاليات منصات حوارية تسهم في تعزيز الوعي الثقافي والنقدي لدى الزوار.
الإقبال الجماهيري
شهد المعرض منذ اليوم الأول إقبالاً واسعًا من مختلف شرائح المجتمع؛ من الأسر والأطفال، إلى الباحثين وطلبة الجامعات والمثقفين. ويُعزى هذا الإقبال إلى تنوّع العناوين، وجودة التنظيم، والاهتمام الإعلامي الواسع. وقد لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في نشر أجواء المعرض والتفاعل معه لحظة بلحظة، من خلال التغطيات المباشرة، والمراجعات، والمقاطع المصورة.
المعرض ودوره في دعم صناعة النشر
يُعد معرض مسقط الدولي للكتاب منصة استراتيجية لدعم صناعة النشر في العالم العربي، حيث يفتح المجال أمام دور النشر لتسويق إصداراتها، ويمنح المؤلفين فرصة للتواصل المباشر مع جمهورهم. كما يشجع المعرض على الترجمة والتوزيع والتعاون بين الناشرين من مختلف الدول، ما ينعكس إيجاباً على حركة الثقافة العربية بشكل عام.
المعرض كجسر ثقافي بين الشعوب
يتخطى معرض مسقط للكتاب الأطر المحلية ليصبح جسرًا ثقافيًا مفتوحًا بين الشعوب، حيث تلتقي فيه الأفكار وتتلاقح فيه التجارب. وقد أتاح هذا الحدث لزوار عمان من مختلف الجنسيات فرصة الاطلاع على الثقافة العمانية من جهة، والتعرف على إصدارات ومطبوعات من جميع أنحاء العالم من جهة أخرى.
ضيف الشرف لهذا العام
في كل دورة، يختار المعرض دولة أو شخصية ثقافية لتكون “ضيف شرف”، وفي نسخة 2025 تم اختيار جمهورية مصر العربية ضيف شرف للمعرض، تقديرًا لدورها التاريخي في دعم الثقافة العربية، واحتفاءً بعلاقاتها المتينة مع سلطنة عمان. وقد خُصص جناح متكامل لعرض الإنتاج الثقافي المصري القديم والمعاصر، إضافة إلى تنظيم عدد من الفعاليات المشتركة بين مفكرين ومبدعين من الجانبين.
التكنولوجيا والابتكار في نسخة 2025
تماشياً مع التحول الرقمي، قدم المعرض هذا العام تجربة رقمية مبتكرة تشمل:
- تطبيق إلكتروني لتصفّح العناوين والفعاليات.
- أكشاك رقمية للاستعلام وشراء الكتب إلكترونيًا.
- رموز QR مرفقة بالعناوين للحصول على معلومات تفصيلية.
- معارض كتب إلكترونية مرافقة للنسخ الورقية.
هذا الدمج بين الورقي والرقمي يعكس وعي إدارة المعرض بمتطلبات العصر، ورغبتها في الوصول إلى جميع شرائح الجمهور.
الختام
يبقى معرض مسقط الدولي للكتاب 2025 أكثر من مجرد تظاهرة ثقافية؛ إنه حدث استثنائي يكرّس قيم المعرفة، ويحفّز على القراءة، ويعكس وجه سلطنة عمان الحضاري المنفتح على العالم. فمن خلال هذا المعرض، تتجلى روح الأمة العمانية الطامحة للمعرفة، والحريصة على أن تكون جزءًا فاعلًا في بناء مستقبل ثقافي عربي مزدهر.