اتحاد المستشارين والخبراء الدوليينالمرأة و الطفلالمقالاتتعلم وتدرب

الثقافة القانونية للمرأة القيادية

الثقافة القانونية للمرأة

الثقافة القانونية للمرأة القيادية

 

* بقلم المستشار الدكتور ناجي سابق

 

تمثل الثقافة القانونية أحد أهم عناصر نجاح القادة في مجالات الإدارة والقيادة، لاسيما المرأة القيادية التي تخوض غمار المسؤوليات في القطاعين العام والخاص خاصة الاقسام التنفيذية والإدارية والتربوية والمصرفية والهندسية والصحية والموارد البشرية والعلاقات العامة وغيرها من الاعمال التي تعمل بها المرأة يوما” بعد يوم من خلال شبكة العلاقات الدولية المالية والتجارية والاقتصادية المبنية على العولمة والتطور الرقمي والذكاء الاصطناعي. فامتلاك المرأة لوعي قانوني راسخ لا يقتصر على حماية نفسها من المخاطر والمسؤوليات، بل يتعداه ليصبح أداة تمكين تساعدها على اتخاذ قرارات رشيدة وصحيحة مرتكزة على الفهم القانوني والعمل الصحيح وفقا” للأصول الاجرائية ومقتضيات القانون.

 

عليه فإن الثقافة القانونية تشكّل مظلة أمان للمرأة القيادية تؤهلها لتولي أدوار محورية في المؤسسات الحكومية والخاصة اضافة الى حمايتها الاساسية من ارتكاب الاخطاء والابتعاد عن المسؤولية القانونية الجزائية المدنية والادارية .

 

أولاً: مهارات القراءة القانونية والتصرف الصحيح

 

تواجه المرأة بشكل عام والقيادية بشكل خاص في الحياة وفي العمل مواقف تتطلب قرارات سريعة وحاسمة. لذلك من الضروري ان تقرأ الامور بشكل صحيح وتفهم ما هي ابعاد هذا التصرف او القرار الذي سيتم اتخاذه ومدى المسؤولية القائمة على اساسه ، وهذا ما يتطلب الإلمام بالقواعد القانونية الجوهرية واصول المسؤولية وانواعها وخصائصها ومدى تواجد الاركان الثلاثة الشرعية والمادية والمعنوية لأي جريمة مما يساعدها على حسن التصرف ويجنبها ارتكاب المخالفات الادارية والتعويضات عن المسؤولية المدنية او عن الجنح او الجرائم الجزائية. فالثقافة القانونية هنا تمنحها بوصلة توجيهية قانونية لاتخاذ القرارات السليمة وفقا” للقانون وتجنب القرارات الارتجالية غير المحسوبة التي تؤدي الى ما لا تحمد عقباه.

 

ثانياً: الحماية من المساءلة القانونية

 

تتزايد مسؤوليات المرأة القيادية مع اتساع صلاحياتها، لأن السلطة والمسؤولية يترافقان سويا” فلا سلطة دون مسؤولية والعكس هو الصحيح وهذا ما قد يضعها في دائرة المساءلة القانونية أو الرقابية. إن معرفة الضوابط القانونية المتعلقة بالتوقيع على القرارات، أو تفويض الاختصاصات، أو اعتماد العقود والموافقة عليها ، تمنحها قدرة على الحد من المخاطر، وتحميها من التعرض للمساءلة المدنية أو الجنائية أو حتى التأديبية.لذلك نشدد على معرفة ماهية المسؤولية واركانها وخصائصها ومدى توافر مسؤولية الرئيس عن افعال مرؤوسيه وطنيا” ودوليا” فضلا” عن العقوبات المرتبطة بهذه المسؤولية جزائية كانت ام مدنية واسباب التبرير وموانع المسؤولية

 

ثالثاً: الإلمام بقوانين العمل وحقوق وواجبات المرأة العاملة

 

قانون العمل هو حجر الأساس في حماية المرأة القيادية والعاملين تحت إدارتها وسلطتها بالإضافة الى القوانين الادارية وقانون الموظفين وبعض خصوصيات القوانين العسكرية وغيرها من اللوائح التنفيذية والمراسيم التطبيقية الحديثة.

لذلك نشدد على الثقافة القانونية الدقيقة بأحكام عقود العمل، وساعات العمل، والإجازات و طرق احتسابها والحالات الخاصة بها ، وحقوق المرأة العاملة ( إجازة الوضع ورعاية الطفل) مما يجعلها أكثر قدرة على إدارة مواردها البشرية بعدالة وانصاف وفقا” للقانون الواجب التطبيق، مع تحقيق الامتثال للأنظمة الوطنية والمعايير الدولية. كما أن هذا الفهم القانوني يعزز صورتها كقيادية عادلة تحترم القانون وتلتزم بتنفيذه بالحق والعدل والمساواة

 

رابعاً: التعامل مع القضايا القانونية في بيئة العمل

 

لا تخلو المؤسسات العامة او الخاصة من نزاعات العمل أو المخالفات الادارية او وقوع جرائم جزائية ، سواء بين الموظفين والادارة او مع الموظفين بعضهم البعض أو مع العملاء أو الشركاء فيما بينهم .لذلك على المرأة القيادية ان تكون الواعية بالقانون والعارفة بأصول الاثبات القانوني بالبينة الخطية او البينة الشخصية فضلا” عن الخبرة والمعاينة واستخدام الطرق البديلة لحل النزاعات مما يعطيها القوة لتستطيع التعامل مع هذه النزاعات بحكمة ووعي وثباث، سواء من خلال التسوية الودية، أو الاستعانة بالوساطة والتحكيم، أو اللجوء للقضاء عند الضرورة مما يرسّخ قدرتها على إدارة الأزمات وفق الأطر القانونية

 

خامساً: القدرة على صياغة العقود القانونية

 

العقود تمثل العمود الفقري للعلاقات العامة والخاصة بين الناس لأن العقد يدخل في كل تفاصيل حياتنا اليومية من عقد الزواج الى عقد العمل وعقد شراء المنزل والسيارة وغيرها من العقود في المؤسسات العامة والشركات الخاصة . إن تمكن المرأة القيادية من فهم وصياغة العقود بطريقة صحيحية خالية من الاخطاء مما يساعدها على حماية مصالح مؤسستها ، وتفادي الثغرات القانونية التي قد تُستغل ضدها. فالثقافة القانونية في هذا المجال تعد ضمانة لحقوق المؤسسات والافراد من خلال الشفافية والمصداقية وحسن التنفيذ المبني على الإلتزام العقدي الجوهري.

 

ختاما” إن الثقافة القانونية للمرأة هي ضرورة علمية ثقافية استراتيجية تضمن نجاحها واستمرارها وتصرفها السليم في بيئة العمل وفي تعاملها مع الآخرين. لحمايتها من المخاطر، وتعزيز ثقتها بنفسها وفي قراراتها، حيث تمنحها مكانة راسخة في الإدارة في كافة الاقسام والمجالات.لذلك فإن الاستثمار في تأهيل المرأة القيادية قانونيًا يُعد استثمارًا في مستقبل الإدارة الحديثة والتنمية المستدامة القائمة على العدالة والمساواة والمرتكزة على اسس متينة من الاجراءات القانونية والمراسيم والنظم واللوائح التنفيذية التي تشكل خارطة طريق للعمل وفقا” لصحيح القانون.

واخيرا” نقول ان هناك مبدأ جوهري “لا يجوز الجهل في القانون” الذي يعتبر من اهم المبادئ القانونية في كل دول العالم ، لأن القانون مفترض ان يعلم به جميع الأفراد ، وبالتالي لا يُسمح لأحد بالاعتذار بجهله للقانون لتجنب المسؤولية القانونية عند مخالفة أحكامه، وذلك لضمان سريان القانون على الجميع بلا استثناء.

فالوعي القانوني قوة والجهل به ضعف واستسلام .

 

*المستشار الدكتور ناجي سابق# الثقافة القانونية للمرأة القيادية #المحكم الدكتور ناجي سابق # المرأة القيادية # الثقافة القانونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى